فضاء حر

الصحفي الكبير والمناضل القدير محمد قاسم نعمان

يمنات

محمد شمسان

من عمالقة الصحافة اليمنية وروادها الأوائل الذين حملوا على عاتقهم مسؤلية الحرف وأمانة الكلمة وصدق العبارة ، ليس له مثيل في الكفاءة والمهنية وشجاعة الموقف ، كان إسمه مقرونا بالعمال والبسطاء والكادحين ، وقلم مدافعا عن حقوقهم الغالبية العظمى من اليمنيبن في شمال الوطن وجنوبه ، تجربته الصحفية طويلة وحافلة بالكثير من التفاصيل والأحداث والسياقات والمحطات والمراحل المثيرة التي لا يتسع لذكرها كتاب ولا مجلد ، حياته كفاح ونضال – وسيرته زهد ووطنية ومواقف كالجبال ، لم تثنيه عن إنحيازاته لجماهير الشعب كل المغريات وجميع محاولة الاغتيال والتهديدات – فقد كان كبيرا بمعنى الكلمة ، مؤمنا بالعدالة والقانون ملتزما بقيمه ومبادئه صادقا في إنتمائه وولائه لوطن .

محمد قاسم نعمان ليس مجرد اسم على قائمة الصحفيين اليمنيين ، ولا مناضل في صفوف القوى الوطنية ، بل هو أبعد من ذلك وأكثر من ذلك بكثير ، محمد قاسم نعمان نهج قويم للصحافة المهنية الحرة ، وخط النضال الوطني الصادق ، مدرسة للإعلام قدمت رسالتها بصدق واخلاص واتقان وابداع وتفاني .

لن يمر هذا الإسم دون أن يتذكر الناس ذروة العمل الصحفي الجاد والمسؤل. العمل الصحفي الملتزم بأخلاق وقواعد المهنة، المنحاز للجماهير المناهض للاستبداد والفساد المناصر للحقوق والحريات والنظام والقانون وبناء الدولة المدنية الحديثة.

درس الأستاذ الصحفي الكبير محمد قاسم نعمان مراحل التعليم الاولى بعدن وحصل على منحة دراسية إلى القاهرة وبدأ هناك يدرس الصحافة ، وخلال سنته الأخيرة عام 1977م وخلال زيارة الرئيس السادات لدولة إسرائيل خرج نعمان ضمن مظاهرات شعبية ، معارضة للزيارة- فتم إعتقاله وترحيل ضمن مجموعة كبيرة من الطلاب العرب ، بعدها توجه إلى الحزائر لاستكمال دراسته غير انه لم يتمكن من استكمال دراسة الصحافة ، فحصل ٦لى بكالوريوس سياسية واقتصاد ، ثم عاد إلى عدن ليلتحق بالعمل في مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر الرسمية ، وكان يعمل بنشاط وهمة عالية تطورت قدراته الصحفية في زمن قياسي وكان اداءه يميزه عن زملائه الآخرين ، وهكذا حتى وصل الى سكرتير تحرير ثم مديرا للتحرير ، واثناء احداث 13 يناير 1986م ، تم اعتقاله بذريعة انه موالي للرئيس على ناصر محمد ، لكنه لم يمكث في المعتقل كثيرا حيث خرج نهاية عام 86م وإلتحق بصحيفة صوت العمال ، التي كانت أهم محطاته الصحفية .

كانت صحيفة صوت العمال تعمل في نطاق محدود بين شريحة العمال كونها ناطقة بإسم إتحاد نقابة العمال ، لكن الصحفي الكبير محمد قاسم نعمان ، وبعد انضمامه للعمل فيها قدم استراتيجية جديدة لتطوير عمل الصحيفة التي تحولت بفعل هذه الاستراتيجية إلى ثاني أكبر مؤسسة اعلامية في جنوب الوطن ، وحققت الصحيفة نجاحا كبير في التوسع والانتشار ، إضافة إلى استقطاب الكثير من الاقلام الصحفية الكبيرة منها الصحفي حسن عبدالوارث و الاستاذ عبدالله عبدالإله ، عمود بنص عين للصحفي والكاتب الكبير عبدان دهيس ونادرة عبدالقدوس غيرهم ، وفي عام 1989م وبحسب ما يؤكده الأستاذ عبدالباري طاهر ، فقد قام الصحفي القدير نعمان بتأسيس أول منظمة حقوقية مدنية تتبني الدفاع عن قضايا حقوق الانسان .

عقب تحقيق الوحدة اليمنية، كان الاستاذ محمد قاسم ضمن أول مجموعة صحفية قامت بتأسيس نقابة الصحفيين ، وبعد إنتقال عمل الصحيفة ” صوت العمال ” الى صنعاء فتحت صوت العمال صفحاتها لابرز الكتاب والمثقفين والمناضلين اليمنيين ، وإنضمت اليها اقلام صحفية مميزة مثل الصحفي الراحل عبدالحبيب سالم مقبل ، والصحفي الراحل عبدالله سعد ، والأستاذ عزالدين الاصبحي والأستاذ عبدالباري طاهر وغيرهم ، وكانت الصحيفة الاول التي حظيت باهتمام مختلف مكونات المجتمع اليمني ، وقد الوصل الامر ان تطبع مرتين في اليوم بل وتصور أهم المواد الصحفية فيها فيتم بيع الثورة بعدد أكثر من الصحيفة ، إضافة إلى المنظمة الحقوقية التي توسع نشاطها في عموم محافظات الجمهورية ، وشكلت فرقا كثيرة لرصد وتوثيق الانتهاكات ضد حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والحريات العامة فكانت الصحيفة والمنظمة من أهم مصادر القلق لدى السلطات القائمة في تلك الفترة التي كانت تعمل ٦لى تضييق الهامش الديمقراطي وتمارس اعمال القمع والاستبداد ضد كل القوى الوطنية .

من المؤكد أن تطور عمل الصحيفة ونجاحها هو بفضل جهود وإمكانيات الأستاذ الصحفي محمد قاسم نعمان الذي مثل أهم أعمدة الصحيفة من منطلق موقعه كمدير تحرير للصحيفة ، التي توقف نشاطها بعد حرب صيف 1994م واجتياح الجنوب وتم نهب مقرها وملاحقة الأستاذ نعمان ومصادرة المطبع الخاصة بها وكل مايتعلق بالصحيفة ، ضمن عملية الفيد التي مارستها قوى تحالف اجتياح الجنوب .

رحلة صحفية مثيرة وحافلة بالكثير من العطاء والنجاحات والدروس والمحطات المختلفة والتي مر من خلالها هذا الصحفي الكبير والأستاذ القدير والمناضل الجسور محمد قاسم نعمان ، الذي يعيش في مدينة عدن ولايزال يمثل حضوره بين الاوساط السياسية والصحفية بارقة أمل للكثير من الصحفيين والاعلاميين على الساحة الوطنية .

وإزاء ذلك لا نمتلك إلا أن نعبر له عن جزيل شكرنا وتقديرنا ومودتنا له ولجهوده الكبيرة متمنين له موفور الصحة والعافية ودوام السعادة .

زر الذهاب إلى الأعلى